Saturday, November 24, 2012

معركة غزة العسكرية والسياسية



معركة غزة معركة في الداخل ومعركة في الخارج
بقلم/ خالد أحمد أبو دقة

معركة السماء الزرقاء وحجارة السجيل وحدها قلبت كل الموازين في المنطقة بأكملها واستطاعت أن تعيد كرامة ومجد وعزة المقاوم العربي الفلسطيني المسلم في وجه الطاغوت الأكبر والشر المهيمن على المنطقة إسرائيل، وأكدت أن المقاومة هي القوة الوحيدة في فلسطين ولا يوجد قوة أكبر منها أو تمثل فلسطين، لكن بجانب هذه المعركة كانت هناك معركة تدار من القيادة السياسية لتلك الأجنحة المسلحة في غزة خارج القطاع وبجانبهم المخابرات المصرية حيث حققت الأخرى انتصار جيد لم يتوقعه أحد من إنجاز التهدئة دون المساس بهيبة المقاومة أو الاعتداء عليها وعلى المدنيين، رغم عدم اكتمالها واكتمال نصرها.

المعركة العسكرية

قطاع غزة ضئيل المساحة عظيم الإرادة استطاع بعملية حجارة السجيل والسماء الزرقاء أن يهزم الكيان الصهيوني شر هزيمة.. لكن ما هذه المعركة وكيف خاضها المقاتلون .؟

 في عصر يوم الأربعاء 14 نوفمبر 2012 أقدم الكيان الصهيوني بخطأ فادح وكبير وهو الهجوم على قطاع غزة واغتيال القائد في كتائب القسام أحمد الجعبري، واستهداف المناطق والأراضي الزراعية ظاناً بأنها مخازن وراجمات لصواريخ المقاومة، وأطلق على هذا الغباء والهجوم اسم (عامود السحاب) المأخوذ من التوراة المحرفة وتعني أن عامود السحاب هو الرمز الذي يحمي الله فيه شعبه وقيادته في جميع مهامهم، لكن المقاومة الفلسطينية ومن الساعة الأولى من بدء العدوان، بدأت رشقات الصواريخ تنهال على البلدات والمغتصبات الصهيونية الجنوبية وتفاجئ العدو من قوة الرد وسرعته، وأطلقت المقاومة اسما لهذه المعركة حيث سميت (بالسماء الزرقاء) من قبل سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وسمتها كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس بـ(حجارة السجيل)، لتبدأ معركة الأيام الثمانية..

بدأت المقاومة الفلسطينية معركتها مع الجيش المهزوم بالقذائف الصاروخية فقط، لتنهمر على البلدات والمدن المحتلة ليعيش المستوطنون وجيشهم الغبي حالة الرعب الكامل وانتقل الجميع إلى الملاجئ ومواسير الصرف الصحي في أقل من 7 ساعات فقط من بداية المعركة حيث أطلقت 160 صاروخ وقذيفة من نوع (جراد، وكاتيوشا، وصواريخ 107) على (بئر السبع، أسدود، سديروت، وناحل عوز، والعين الثالثة، وبئيري، وصوفا، وكفار سعد).

بدأ الكيان يتخبط وكثف ضرباته الجوية لكي يرعب ويردع المقاومة الفلسطينية لكن المقاومة تحدت بالمثل وضربت وأرعبت وأوجعت،... (ونأسف لقد ضربت تل أبيب) قالتها القيادة العسكرية للشعب الصهيوني في اليوم الثاني من المعركة، وعندها بدأنا نقول أن الكيان الصهيوني قد انهزم وانهز عرشه وأصبحت (البقرة المقدسة) تحت مرمى المقاومة وتستمر ضربات المقاومة حيث أطلق 550 صاروخ وقذيفة من نوع (فجر 5، وجراد، و 107، وصواريخ محلية الصنع من نوع "قدس، وقسام") على كل من المدن والبلدات المحتلة(تل ابيب، أسدود، وبئر السبع، كريات ملاخي، وحتسريم).

وعندها بدأ الكيان الصهيوني يستجدي بوقف إطلاق النار والبحث عن الهدنة، وانتقل من كيان متمرد إلى كيان هش لا يستطيع أن يكمل معركة بدأها، لتزداد الأمور تعقيدا على القيادة العسكرية ويزيد الطين بلة عندما ضربت القدس المحتلة وأصبحت صواريخ طويلة المدى تطال المدن الحساسة والاستراتيجية لدى الكيان الصهيوني.

وبدأ استهداف الثكنات والجيبات العسكرية بصواريخ الكورنيت على الحدود شرق القطاع

وبعدها وفي إطار العمل النوعي صواريخ مضادة للطائرات وإسقاط طائرة استطلاع واصابة طائرة حربية

وفي إطار الحرب النفسية تمكنت المقاومة من اختراق 5000 هاتف خلوي لضباط صهاينة، ممن شاركوا في العدوان على قطاع غزة، وأرسل لهم رسائل تحذيرية باللغة العبرية تضمنت النص التالي ( سنجعل غزة مقبرة لجنودكم، ونجعل تل أبيب كتلة لهب - سرايا القدس)

وطالت صواريخ المقاومة البوارج الحربية في عرض بحر غزة

وهنا أصبح الكيان في ورطة لعدم وجود عملاء بشكل كافي ليغطوا مراقبة أماكن الصواريخ، فالمقاومة تعدم العملاء المتعاونين مع الكيان الصهيوني، وتردع كل الخونة والمنبطحين.

.واستمرت المقاومة بقصف المدن والبلدات المحتلة حتى اللحظة الأخيرة قبيل إعلان وقف إطلاق النار

وفي حصيلة المقاومة النهائية أطلقت المقاومة الفلسطينية 2193 صاروخ وقذيفة من نوع (فجر 3 وفجر 5، وجراد، و 107،   وكاتيوشا، وكورنيت،و C8K، وصواريخ محلية الصنع من نوع "قدس، وقسام" و M75، بالإضافة لقذائف الهاون من عيار 80 و 120

حيث استهدفت كل من (البوارج العسكرية في عرض البحر، المدن والبلدات المحتلة "تل الربيع،  القدس المحتلة، أسدود، وبئر السبع، عسقلان، سديروت، المجدل، بات يام، جان يفنا، اوفاكيم، تساليم  "، والثكنات  والمواقع العسكرية على طول الشريط الحدودي"كريات ملاخي، حتسريم، ناحل عوز، العين الثالثة وبئيري، وصوفا، وكفار سعد، كفار عزا، ونير تسحاق، وايرز، واشكول، وكيسوفيم، ويتيد، نتيفوت، زكيم، علوميم، كرم أبو سالم، الكاميرا، وشعار هنيقف، والنقب، ونتيف هعتسرا، حتسور، تسليم، بلماخيم، كريات جات، هرتسيليا ")

وهنا نستطيع أن نقول 5% فقط من مقاتلي المقاومة الفلسطينية وهم أبطال الوحدات الصاروخية في فصائل العمل المقاوم استطاعوا أن يهزموا سلاح الجو الصهيوني

عودة العمليات الفدائية في الداخل المحتل، وفي اللحظات الأخيرة ضربة تل أبيب مرة أخرى بتفجير عبوة متفجرة تم وضعها في حافلة صهيونية وعودة المنفذين إلى قواعدهم بسلام، لتصبح هناك جبهة أخرى من الضفة المحتلة تقاتل مع غزة، وهذا التفجير سارع في ارضاخ العدو للعودة لوقف الهجوم على غزة.

أصبح الكيان في ورطة، وبدأت المعركة الثانية..


المعركة السياسية

لعل كلمة سياسة أو مفاوضات غريبة ومشئومة من قبل المقاومة الفلسطينية إلا أن العقليات الفكرية لدى قادة التنظيمات الفلسطينة جعلت منها مقاومة حقيقية بل ومعركة ضروسة بينهم وبين الكيان الصهيوني عبر الوسيط المصري في جهاز المخابرات وحققوا نصرا مقبولا وأفشلوا بعض مخططات العدو ووضعوه في زاوية لا يستطيع الافلات منها إلا بالإستسلام والرضوخ لشروط المقاومة، وأصبحت جزء كبير من المقاومة، وانتهى شيء اسمه مفاوضات مقابل تنازلات، فمع المقاومة أصبحت مفاوضات مقابل كرامة وحرية ونصر للمقاومة وللشعب..

في أولى المفاوضات طلب من الكيان الصهيوني والمقاومة الفلسطينية بوقف إطلاق النار فقط من كلا الجانبين خلال 24 ساعة، دون أي تنازل من كلا الطرفين، ومن ثم الإنتقال إلى مرحلة ثانية من المفاوضات، إلا أن الإحتلال خرقها واستمر في هجماته على قطاع غزة، واشتدت المعركة السياسية وأصبحت أكثر صعوبة وشاقة جدا، وتعند الاحتلال ووضع شروط جديدة وغير مقبولة من أهمها:
  • احتلال حزام أمني بطول 500 متر بجوار الخط الفاصل، بشرط أن يكون للاحتلال الأحقية في الدخول لهذه المنطقة وملاحقة النشطاء.
  • بضرورة تخلي المقاومة عن أسلحتها ووقف اطلاق الصواريخ بشكل نهائي والعمل على مصادرة سلاح الفصائل الفلسطينية العاملة في غزة ويتعهد الاحتلال بعد تطبيق هذا الشرط بوقف استهداف المدنيين فقط.
  • وقف اطلاق الصواريخ بشكل فوري دون اي شروط مسبقة من الفصائل.
ورفضت هذه الشروط ، وتواصلت القيادة المفاوضة مع المقاومة في غزة من مضاعفت إطلاق الصواريخ وبشكل قوي حتى يزداد الضغط على الاحتلال، ونجحت فعلا المقاومة في تحقيق ذلك وعاد الاحتلال للتفاوض، إلا أن المقاومة في هذه الحالة وضعت رزمة من الشروط يجب أن يرضخ لها الكيان الصهيوني، ومن أهمها:
  • توقف الاحتلال عن ملاحقة واغتيال نشطاء الفصائل المقاومة.
  • ووقف العدوان بشكل مباشر عن قطاع غزة.
  • رفع الحصار عن قطاع غزة مباشرة وفتح المعابر. 
  • وقف التوغلات وعدم تقييد حركة السكان أو استهدافهم في المناطق الحدودية.
  • وقف الاعتداء على الصيادين في عرض البحر واطلاق النار عليهم.
وعاد الإحتلال وصعد في لهجته السياسية من بدء معركة برية على قطاع غزة للضغط على المقاومة والمفاوضين، لكنه ورغم مماطلته  إلا أن الطرف المفاوض بقى صامدا ورافضا لشروط الاحتلال الجديدة، ونجح في النهاية بالتوصل إلى إتفاق رابح وبشكل قوي جدا لصالح المقاومة والشعب الفلسطيني ووافق الطرفين على ذلك بعد معركة سياسية قوية جدا حققت نصر كبير للمقاومة الفلسطينية وإنجاز عظيما في تاريخ الصراع مع العدو ليتحقق هذا النصر، وكان نص الاتفاق ملخصا على التالي:
  • وقف الاحتلال لكافة الأعمال العدائية علي قطاع عزة برا وبحرا وجوا بما في ذلك الاجتياحات واستهداف الأشخاص وقادة الفصائل.
  • تقوم الفصائل الفلسطينية بوقف كل العمليات من غزة تجاه الكيان الصهيوني، بما في ذلك إطلاق الصورايخ والعمليات على خط الحدود.
  • فتح المعابر وتسهيل حركة الأشخاص والبضائع وعدم تقييد حركة السكان أو استهدافهم فى المناطق الحدودية والتعامل مع إجراءات تنفيذها.
    يتم تناول القضايا الأخرى إذا ما طلب ذلك.
فعلا إنها معركة قوية جدا واجهت القيادات الكثير من الصعاب ونصب لها الكثير من الفخاخ، لكنها استطاعت أن تكشفها والوقوف عليها بكل قوة، حتى طريقة النص واللهجة كان للقيادة مراجعة فيها ولم ترضى بأي خطأ أو خلل في هذا الاتفاق.
وبذلك تكون غزة والمقاومة كل المقاومة انتصرت في كلا المعركتين العسكرية والسياسة ضد أكبر شر في المنطقة، لتنهزم إسرائيل شر هزيمة بإعترافهم أمام بساطة السلاح الفلسطيني وقوة ردعه وصمود الشعب الفلسطيني.

سيئة الإتفاق:: رغم هذا النصر الذي لم يكتمل إلا أن هذه المعركة فصلت فعليا وحقيقيا الوطن فلسطين إلا قسمين، حيث أن الإتفاق كان يقتصر على قطاع غزة فقط دون الضفة ولم تذكر فلسطين إطلاقا، حتى أن في نص الاتفاق كان مكتوب شعب غزة وليس شعب فلسطين، ويبقى الاحتلال يسعى فسادا في الضفة والقدس ويبقى شعبنا في الضفة غريب على بعض القضايا والتي هي أساس ومحور وجودنا ووجود المقاومة ووجود هذا الصراع وهو (القدس وفلسطين كل فلسطين) وبذلك يحقق الاحتلال ويؤكد هذا الانقسام..
حتى أنه منذ وقف إطلاق النار مباشرة بدأت قوات الاحتلال بإعتقالات مكثفة في صفوف المواطنين والناشطين والقيادات في حركة الجهاد الإسلامي وحركة حماس، بالإضافة إلى مداهمات كبيرة للمناطق والمنازل في الضفة المحتلة.. لكن رغم ذلك أملنا بتحقيق الوحدة الفلسطينية وتوحيد فلسطين كل فلسطين بأن يتحقق قريبا بإذن الله وهنا تكتمل البندقية ويكتمل النصر.

مع العلم أن المعركة السياسية لم تنتهي بعد وهناك مسائل يتم نقاشها بخصوص سكان القطاع ورفع الحصار بشكل كامل عن القطاع وآلية تنفيذ كافة بنود إتفاق وقف النار..

وهنا أقول أن "المقاومة قوة لا توقفها أي قوة في العالم فهي قوة مطلقة".

تقبلوا كلماتي: خالد أحمد أبو دقة


إسرائيل كيان هش وقوته من ضعفنا
د. فتحي الشقاقي

الجيش (خاسر) إن لم يربح الحرب..
والمقاومة (رابحة) إن لم تخسرها
هنري كيسنجر 1969


تعليقات الفيس
0 تعليقات الموقع

0 التعليقات :

Post a Comment

وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد

كورس متقدم مايكروسوفت اوفيس

آخر المشاريع على GitHub

آخر الأعمال على بيهانس

FaceBook

من تغريداتي

من قناتي

صوت

الأكثر قراءة ومشاهدة