قضية الأسرى الفلسطينيين تعتبر من
القضايا الأكثر عدلا وإنسانيتا في العالم وليس في فلسطين، هناك أكثر من 4700 أسير فلسطيني
داخل سجون الاحتلال الصهيوني، منهم 529 أسير محكومين مدى الحياة، ومئات الأسرى يتعرضون للتعذيب الجسدي والنفسي دون
متابعة قانونية أو حقوقية، وفي المقابل لا يوجد متابعة دولية وفلسطينية سواء كانت
على المستوى الوزاري والحكومي وحتى الرئاسي والمستوى الشعبي لقضيتهم، منذ عام 1967
حتى الآن أكثر من 20% من الشعب الفلسطيني دخلوا سجون الاحتلال، هناك 178 أسير إداري يتم اعتقالهم الان دون أي
تهمة توجه لهم أو محاكمة عادلة، وهذا يعتبر مخالف للقوانين الدولية والانسانية،
لكن على كل حال الكيان الصهيوني ليس لديه أي قوانين سوى الاجرام الدولي، ولا يكون
تحت القانون ولا يتعرض لأي مسائلة قانونية أو دولية لكل الجرائم التي يرتكبها بحق
آلاف الفلسطينيين.
لذلك يتجه الأسير الفلسطيني لوضع حد لانتهاك
كرامته وسرقة حريته وحقوقه، بعد أن فقد الأمل بالأمة العربية والاسلامية وبعد أن
رأى الشمعة تنطفئ أمام قضيتهم على كل المستويات، ليبدأ الأسرى معركتهم الحقيقية (تحرير
نفسي بنفسي)، وبدون سلاح أو مقاومة مسلحة بالإضراب المفتوح عن الطعام. خاض الأسرى
الفلسطينيين الكثير من الاضرابات لنيل الحقوق داخل السجون فقط وليس خارجها، لكن
معركة اليوم هي حقي في الحرية الكاملة والمطلقة، والتي بدأها الأسير الفلسطيني خضر
عدنان في 17 ديسمبر/كانون الاول من عام 2011، والتي نال فيها حريته الحقيقة بعد 67
يوم من الاضراب المستمر عن الطعام، لتتحقق معادلة نيل حريتي بنفسي، وكذلك المرأة
الفلسطينية نظرت إلى حال العالم في التخلي عن قضيتهم وأعراضهم، لتخوض الأسيرة هناء
الشلبي معركتها مع السجان بالإضراب عن الطعام لتنال حريتها بعد 44 يوم من الإضراب،
وتوالت الحريات واستمرت المعركة ولا زالت مستمرة حتى الآن، ولا يوجد ناصر لقضيهم.
تبقى المعركة مستمرة ومشتده أكثر
فأكثر، فالذي يخوضه الأسيرين سامر العيساوي وأيمن الشراونة، يعتبر إضراب تاريخي
اسطوري لا يوجد له مثيل لتحقيق الحرية المطلقة، ومع ذلك لا زال التخاذل لقضيتهم
طاغي والأمة نائمة على كروشها، تتوالى الكلمات والوصايا لهم وفي أي لحظة ننتظر موتهم،
فأي صمود وأي تضحية يخوضه الأسير الفلسطيني لوحده من أجل كرامته، العيساوي
والشراونة في كل يوم يمر عليهم تموت خلايا أساسية من أجسادهم، أي جريمة يرتكبها
العالم في حقهم، من سيغفر للأمة هذه المهزلة أمام صمود الأسرى، فلن تغفرها لكم
أمعاء سامر وأيمن، ولن تغفرها لكم أجساد الأسرى في الزنازين، ولن تغفرها لكم دموع
أهالي الأسرى والمعتقلين، ولن يغفرها لكم التاريخ.
ويبقى التساؤل لماذا هذا التقصير في حق
الأسرى ؟ هل الانقسام الفلسطيني حد من التضامن الدولي والشعبي، أم الحالة الحزبية
والتنظيمية التي تسود الواقع الفلسطيني هي جزء من الحد منها، أم أننا تشبعنا مناصب
وأموال ألهتنا عن القضية، أم أصبحت قضية فلسطين هي قطاع غزة المحاصر فقط، ولم نسمع
عن القدس واللاجئين والأسرى ونساهم العالم.. أصبحنا نجتمع أمام العالم لإنهاء
الانقسام والمصالحة الفلسطينية وتوزيع المناصب والكراسي بيننا، ونسينا باقي القضية
أن نجتمع من أجلها. لكن الأسرى بدأوا معركتهم بأنفسهم وبأمعائهم الفارغة ولن
ينهوها أبدا إلا بالحرية أو الحرية، وسينصرهم الله بغيركم.