بقلم/ خالد أحمد أبو دقة
اليوم الثالث/ الجمعة الخامس من أبريل – نيسان 2002
في هذا اليوم زادت صلابة صمود المخيم، حتى غير الاحتلال
من تكتيكه العسكري، حيث التقدم بحذر مع تعزيز بقوات احتياطية من الهندسة والمشاة
الميكانيكية، والتحرك تحت غطاء القصف الجوي والمدفعي، حيث قام الاحتلال بالدخول
الى المخيم عن طريق اختراق الجدران وتفجيرها بدلا من الدخول من الشوارع والأزقة
لتقليل خسائره، وخاصة المنطقة الغربية والتي لم يتقدم فيها العدو، وحارة الدمج
" طلعة الغبس". ولكن واجهتهم المقاومة الباسلة بمقاومة مستميتة، والتي
قال عنها قائد الهجوم الصهيوني " انها مقاومة لم نعرف لها مثيلا في كل حروب إسرائيل
.. لقد استعدوا جيدا ويقاتلون بمعنويات عالية جدا " .
حيث قال المجاهدين "أننا كنا نبادر في مهاجمة العدو
في المنازل التي احتلوها ونوقع فيهم إصابات مختلفة..."، حيث تم تفجير عبوة
شديدة الانفجار في آلية للعدو فأحرقتها ودمرتها، ومن ثم لحقتها دبابة أخرى في نفس
المكان.
ويقول أحد المقاتلين "كان الشهيد محمود طوالبة قد
زرع المنطقة كلها بالألغام، وكان الشباب يتناوبون عليها على مدار اليوم".
وقوع العدو في الكمين الأول:
في أحد المنازل في حارة الدمج وقع 12 جندي في كمين محكم
للمقاومة وتم محاصرتهم لعدة ساعات طالبين من المجاهدين العفو عنهم، حيث قال أحد
المجاهدين المشاركين في الكمين "كانوا يستحلفون الشهيد محمود طوالبة بالله أن
يعفو عنهم ولن يعودوا مرة أخرى"، واشتبك المجاهدين معهم وقتل 4 جنود صهاينة وأصيب
3 آخرين.
وأثناء محاصرة المجاهدين للمنزل والاشتباك مع الجنود شنت
طائرات الاحتلال غارات مكثفة على محيط المنزل، حيث استشهد عدد ممن المجاهدين وأصيب
عدد آخر، وتمكن الجنود المحاصرين في المنزل من الهرب بتغطية من الطائرات، وانسحب
العدو من المنطقة تارك خلفه الهزيمة.
وعند المدخل الشرقي للمخيم اشتبك المجاهدين مع القوة
التي تقدمت باتجاه "بيت أبو نايف العابورة" والتي قتل فيها جندي وسقط من
الطابق الثالث بعد اصابته برصاصة قاتلة في الرقبة، وتقدم العدو بجرافاته وآلياته
ببطيء شديد مع القصف المدفعي، وكانت قناصة العدو تطلق النار على كل من يتحرك في
المنطقة.
ويقول مراسل صحيفة يديعوت احرونوت العسكرية "قد
اديرت معارك ضارية ورهيبة وكانت ضربة ثقيلة للجيش في هذا اليوم بين الجنود
والمقاتلين الفلسطينيين قتل فيها جندي من لواء جولاني واثنين آخرين من لواء الناحل،
بعد فشل انقاذهما تحت كثافة نيران المقاومة، وجرح ستة جنود آخرين" .
وتراجع العدو وتكبد المزيد من الخسائر، حتى سمع صوت
صيحات جرحاه، وتم نزع بعض الأسلحة منهم من قبل المقاتلين الفلسطينيين.
وفي أحد منازل المخيم كانت قصة مع الشهيد "أبو جندل"
وأخوته المجاهدين:
كان الشهيد أبو جندل يقرأ القرآن بصوت جهوري جميل داخل
منزل أحد أقرباءه، ويستمع له المجاهدين، وطلب المجاهدين القهوة من النساء داخل
البيت، وعندما كانت القهوة جاهزة، دخل أحد المقاتلين مسرعا وأبلغهم باقتراب آلية
عسكرية من مدرسة الوكالة، فقام أبو جندل وهو حامل قاذف R.B.G مع قذيفة
وحيدة قائلا " إن كان لنا نصيب فسنعود لشرب القهوة معكم". وحدث
اشتباك قوي استشهد فيه أحد مقاتلي الأمن الوطني الشهيد "طارق دراوشة"،
وما كان من دمه إلا أن قام أبو جندل والمجاهدين بإعداد كمين لسبعة جنود صهاينة
أودوهم بين قتيل وجريح. وبعدها قصف العدو المنازل التي كان يتحصن بها المجاهدين
منزل تلو الآخر.
وقام العدو بتدمير كل شيء أمامه من سيارات وأعمدة
ومنازل، وتقدمت الآليات في منطقة "السويطات" وأصبحت القناصة داخل
الاليات تصيب كل شخص، وتقصف البراميل والحاويات بعد أن تفجرت إحدى الاليات بعبوة،
واستمرار طائرات الهيلوكبتر في الأجواء مع اطلاق النار، أدى إلى اختفاء المجاهدين
عن المنظور.
تجمع العائلات وقصف المنازل:
كان في بيت أم طارق حوالي 5 عائلات قد قصف الاحتلال
منازلهم، وفي مساء اليوم قصف الاحتلال منزل أم طارق بـ7 صواريخ وكان الأطفال
يصرخون من الرعب، وجاء المجاهدين إلى المنزل وقاموا بإخلاء كل من فيه من خلال
النافذة، وبعد اخلاءه قام الاحتلال بتدمير المنزل بالكامل، وبعد فترة قصف الاحتلال
المنزل المجاور والذي هربت عائلته باتجاه المنزل الذي نحتمي فيه، وقصفت منزل آخر
وجاءت عائلة أخرى للمنزل، واستمر هذا الحال طوال الليل حتى أصبح داخل المنزل أكثر
من 150 شخص.
بعض قصص شهداء هذا اليوم:
الشهيد عبد الناصر
الغريب، والذي أعدمته قوات الاحتلال النازي بدم بارد داخل منزله وهو أعزل، والذي
رفض الخروج من منزله، وبعد يومين من إعدامه وجدوا جثته ملقاه على الأرض مغطى
بالدماء والرصاص.
الشهيد عطية أبو رميلة، والذي قتله نفس القناص الذي قتل
ابنه هاني قبل يومين داخل منزله وأمام أبناءه وزوجته، ولم يتمكن أحد الوصول
لإنقاذه، وألقت زوجته الغطاء عليه وهي تقول لأبنائها اتركوه نائم ولا تيقظوه،
وخرجت زوجته من المنزل، وبقت جثته لمدة أسبوع في المنزل.
الشهيدة عفاف الدسوقي، قتلوها وهم يضحكون بصوت عال،
عندما توجهت عفاف لفتح الباب والذي قام العدو بتفخيخه وهم يطرقون الباب، فانفجر
الباب في وجه عفاف، وصرخ الأهل مطالبين الإسعاف وفي المقابل يضحك ويسخر الجنود
منهم واكتفى الجنود بقتلها وغادروا.
الشهيد منذر الحاج، والذي كان على بعد أمتار من باب
المستشفى يصرخ ويطلب النجدة، لكن العدو النازي والفاشي ابقاه يموت بأبشع صورة لن
يتحملها أي أحد في العالم، وكلما اقترب منه أحد يطلق عليه النار، وكل الممرضين
وقفوا يبكون عاجزين عن إنقاذه، حتى لقى الله شهيدا، ولم تسلم جثته من طلقات
الآليات التي أطلقت عليه النار وهو شهيد.
ومن الأقوال في هذا اليوم:
- وزير الخارجية الأمريكية "كولن باول" يدعوا إسرائيل لوقف التوغل في الأراضي الفلسطينية كما طلب منه الرئيس بوش.
- قائد الهجوم الصهيوني " انها مقاومة لم نعرف لها مثيلا في كل حروب إسرائيل .. لقد استعدوا جيدا ويقاتلون بمعنويات عالية جدا " .
بعض صور الخراب في المخيم
فيديو في هذا اليوم من المعركة