Thursday, April 10, 2014

جنين - اجتياح ومعركة جنين وثائقي | اليوم الثامن

بقلم/ خالد أحمد أبو دقة

اليوم الثامن/ الأربعاء العاشر من نيسان 2002
هذا اليوم كان مشهودا للمجاهدين في المخيم، يوم من أيام العز والكرامة جاء ليسقط أوهام الجيش الذي لا يقهر ويوقعه في العجز القاتل من جديد، ليسطر التاريخ هذه الأيام على أنها أيام العرب والمسلمين المشرفة والنادرة، فقد اجترح المجاهدين فعلا جهاديا ونضاليا خارقا بامتياز، بصمود بطولي وإرادة القتال والكفاءة القتالية النادرة وبمعنويات عالية رغم القلة في الذخيرة ونفاذ المؤن، في حين تراجعت معنويات الجنود الصهاينة إلى الحضيض وهم يولون الأدبار ويبكون ويصرخون، إنها أيام انتصر فيها العز والكبرياء الفلسطيني على الذل والمهانة والتي كادت أن تكون سمة الواقع العربي في هذا الزمن الرديء.

الكمين العظيم
ففي صبيحة هذا اليوم قام المجاهدون الشجعان بعمل جهادي ونوعي فريد، خططوا له بروح الشجاعة والقوة والإيمان وليس بعقلية الربح والخسارة، كان تحقيق الحرية والكرامة والنصر هو الهاجس الوحيد لهم، وحينما غادر جنود المشاة الميكانيكية دباباتهم ليتقدموا ويقوموا بعملية تطهير للأحياء المتبقية من المخيم، ظهر لهم الاستشهاديين والعبوات الناسفة والكمائن القاتلة التي فاجأتهم من كل مكان، فقد وقع العدو في كمين أعده المجاهدين بقيادة الشهيد محمود طوالبة، فقتل أكثر من خمسة عشر جنديا صهيونيا وأصيب العشرات، بخطة بسيطة، ولكنها تحتاج إلى الشجاعة التي لا تتوفر إلا عند الرجال، الرجال الذين لا تجدهم إلا فلسطين.. هنا في مخيم الملحمة والبطولة "جنين"..

تفاصيل الكمين والهجوم: كما رواه المجاهدين المشاركين في المعركة " أعد المجاهدين خطة معتمدة على ثلاث مجموعات بقيادة الشهيد محمود طوالبة  ونضال النوباني وعبد الرحيم فرج وآخرون، حيث تقوم المجموعة الأولى بمراقبة مدخل أحد المنازل التي يتوقع دخول العدو فيها ويتم استدراجهم إليها، حيث كانت تتكون هذه المجموعة من ثلاثة مجاهدين، وكانت المهمة الخاصة بهم إعطاء إشارة عند دخول آخر جندي إلى المنزل، وذلك بإطلاق رصاصة واحدة في الهواء، وتم وضع مجموعة أخرى على يمين المنزل وأخرى على يساره مهمتهم الالتفاف على المنزل بعد دخول جنود العدو بداخله والاطباق عليهم وقتل أكبر عدد منهم.

تم دخول خمسة عشر جنديا داخل المنزل، وقامت المجموعة الأولى بإطلاق رصاصة في الهواء ظانين بأنه لا يوجد جنود غيرهم، فشعر الجنود بأنهم وقعوا في كمين وانسحب باقي الجنود للخلف، وتم الإطباق على الخمسة عشر جندي في داخل المنزل من قبل المجموعتين الأخرى فأطلقوا عليهم الرصاص والقنابل وفجروا العبوات حتى قتلوهم جميعاً بعمل نوعي فريد لا تجده إلا في رجال فلسطين، وأوقع هذا الكمين العدو وقيادته في هول الحدث وأصابهم الذهول والصاعقة.

تمكن المجاهدين من أسر بعض جثث الجنود القتلى من أجل التفاوض عليهم، وقررت قيادة العدو العمل بدون تأجيل على استدعاء وحدات مختارة إلى المخيم لأخذ الجنود، وتم كشف مكان أحد الجنود وبعدها اكتشفت جثتين اضافيتين في أحد المنازل التي خبأها المقاتلين فيها.
وتمكن المجاهدون أيضا من اغتنام أسلحة وعتاد ومؤن ومياه الجنود، وانسحب المقاتلون الأطهار بمجموعتين في الصباح، ومعهم الإشارات والرتب التي تثبت شخصية الجنود للتفاوض عليها.

حدث جدال حاد في قيادة العدو حول نشر خبر هذا الكمين، ولم يتم نشر الخبر إلا في الساعة الثامنة والنصف صباحا. حيث كانت المفاجأة الكبيرة للجيش الصهيوني أن الكمين قد نفذ بعد ظنهم بأنهم على وشك القضاء على المقاومة في المخيم، وأن المقاتلين محاصرين في منطقة صغيرة ولا يزيد عددهم عن أربعين مقاتلاً، حيث كان جنود العدو يتجهزون لعودتهم إلى بيوتهم.

عمل فردي ونوعي جديد
وفي مساء هذا اليوم نفذ هجوم جديد وفردي على مركز القيادة الميدانية لقوات الاحتلال في المخيم داخل أحد منازل حارة الدمج، حيث نجح المجاهد من إلقاء عبوة من شباك المنزل على المركز، ومن ثم هرب من المكان، وقتل في هذا العمل البطولي جندي من لواء جولاني وأصيب قائد الكتيبة مع 11 جندي أخرين، حسب تقرير صحيفة يديعوت احرونوت الصهيونية.
وفي نفس الوقت أيضا كان هناك مجموعات فاجأت قوات جيش العدو بكمائن أخرى أدت إلى مقتل وإصابة العديد من الجنود على أطراف الأزقة أصبح جنود العدو يطلقون صيحات الاستغاثة.

كان جنود الجيش الذي لا يقهر يشتمون شارون كلما انفجرت عبوة.

وأصبح يقول الجنود عن المقاتلين الفلسطينيين لقيادتهم أن المقاتلين حولوا المخيم إلى حقل للموت... لقد فخخوا كل شيء..

فيضان الحقد واستشهاد أسطورة المخيم
وأمام الهزائم المتكررة للعدو اندلع فيضان الحقد الجبان، فقرر العدو النازي بدون شرف المواجهة العسكرية مسح المخيم عن وجه الأرض، بقصفه من السماء ومن الأرض، وانهمرت سيول من صواريخ الطائرات وقذائف الدبابات والبطاريات الأرضية وقذائف الهاون والرشاشات الثقيلة على المخيم الشامخ، وأطلقت المئات من القنابل المضيئة حتى تحول المخيم من الليل إلى النهار، حتى الطائرات من جميع أنواعها أصبحت تفرغ كل قنابلها وتعود مرة أخرى لتحميل المزيد من الصواريخ الجديدة وصبها، والآليات والمدفعية لم تتوقف لحظة واحدة عن القصف العشوائي على المخيم الأعزل بشجاعته، فأصبح المخيم ميدان رماية مفتوح لجميع أسلحة العدو النازي المجرم، حتى أصبحت القرى والمدن المجاورة للمخيم تصرخ وتكبر من شدة وقوة وعنفوان القصف من العصابات النازية صاحبت المركز الأول في ارتكاب المجازر في حق الشعب الفلسطيني الحر، الشعب الذي أصبح يدافع عن كرامة الأمة وحده  بكفاح ونضال فريد ونادر ومشرف.

استشهد في هذه العاصفة النازية الشيخ القائد المجاهد محمود طوالبة، استشهد هذا الرمز بعد مقاومة أسطورية جعلت وسائل الاعلام الصهيونية والأجنبية تسمي الشهيد محمود طوالبة بالجنرال. استشهد هذا الأسطورة مع العديد من القادة المجاهدين الشجعان ( عبد الرحيم فرج، محمد النورسي، اشرف أبو الهيجا، وغيرهم من أطهر الناس...)

استشهد في هذا اليوم التاريخي الذي سيسطره التاريخ بأنه يوم الشرف والكرامة للأمة، استشهد خيرة قيادة المقاومة في جنين ومخيمها، كثير من البشر مروا في هذه الدنيا، ولكن القليل منهم من ترك أثرا فيها، وهؤلاء الشهداء لم يتركوا أثرا فحسب، بل سطروا أفعالا سيظل التاريخ يذكرها أبد الدهر.


من الأقوال عن هذا اليوم:
  • وكالة الصحافة الفرنسية " طلب الجيش الإسرائيلي وقفا لإطلاق النار من عشرات المقاتلين الفلسطينيين في مخيم جنين بعد مقتل 13 جنديا في كمين متفجر، وقد دفع هذا الصمود رئيس أركان الجيش الجنرال شاؤول موفاز إلى الإشراف بنفسه على إدارة المعركة ".
  • جندي صهيوني من جيش الاحتياط " بعد الكمين الذي قتل فيه الجنود الإسرائيليون اندفع الى بيتنا جندي إسرائيلي وأخذ يصرخ ويبكي قائلا هذه الحرب قذرة ولا أريد أن أموت فيها، وأرجوا أن لا ترى أمي ما يحدث الآن ".

صور من مخيم الدم والشهادة






تعليقات الفيس
0 تعليقات الموقع

0 التعليقات :

Post a Comment

وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد

كورس متقدم مايكروسوفت اوفيس

آخر المشاريع على GitHub

آخر الأعمال على بيهانس

FaceBook

من تغريداتي

من قناتي

صوت

الأكثر قراءة ومشاهدة